« تقديم علي بن أبي طالب « ع » »
ان رسول الله « ص » قدم اميرالمؤمنين علي بن أبي طالب « ع » على جميع الصحابة وحتى على أبي بكر وعمر وعثمان في موارد كثيرة وأعلم الناس بفضله وتقدمه واولويته وقربه .
منها ـ في الدعوة لأكل الطير معه ، ومنها ـ في توليته في فتح خيبر ، ومنها ـ في اداء البراءة ، ومنها ـ في غدير خم ، ومنها ـ في المؤاخاة لنفسه ، ومنها ـ في غزوة الخندق ، وفي موارد اخر ، كما ان رسول الله « ص » قدم اسامة على رؤوس المهاجرين والأنصار وأمّره عليهم ، وقال في جواب اعتراضهم : ان طعنتم في امارته فقد كنتم تطعنون في إمرة أبيه من قبل ، وأيم الله ان كان لخليقا للامارة ،
--------------------------------------------------------------------------------
21
وان ان أحب الناس إلي .
إن الناس لم يتمكنوا من الطعن في علي « ع » زمان حياة رسول الله « ص » لشدة قربه منه ولعظمة مقامه عنده وكونه أحب الناس اليه وانه اخوه وابن عمه وصهره بل وكنفسه ، كما في الآية الكريمة ـ قل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم وأنفسنا وأنفسكم ، وقوله « ص » ـ ان عليا مني وأنا منه ، وأنا وأنت من شجرة واحدة ، ما دعوت لنفسي بشيء الا دعوت لك بمثله . وقال « ص » لا تشكوا عليا فإنه لأخشن في ذات الله من أن يشكى ، ومن عصى عليا فقد عصاني ، ومن آذى عليا فقد آذاني ، وما يقرب منها .
ثم اذا ارتحل رسول الله ( ص ) فعلوا ما فعلوا وقالوا ما قالوا وطعنوا ما طعنوا ، آذوا عترة رسول الله ، وخالفوا اهل البيت ، بل عادوهم وأبغضوهم وفارقوهم ، ودعوهم الى البيعة والطاعة والخضوع ، وأخذوا ما في ايديهم ، وأمالوا الناس عنهم ، حتى قال بعضهم : والله لأحرقن عليكم أو لتخرجن الى البيعة . وقال سلمان : كرداد ونا كردادأي : عملتم وما عملتم ، لو بايعوا عليا لأكلوا من فوقهم ومن تحت ارجلهم .
في مسند أحمد : قال رسول الله « ص » : ليردن عليّ الحوض اقوام فاذا رأيتهم اختلجوا دوني ، فأقول : أي ربّ ! اصحابي ! اصحابي ! فيقال انك لا تدري ما أحدثوا بعدك (1) .
والعجب من هؤلاء الرجال كيف نسوا في مدة قليلة ما قال رسول الله « ص » : انما فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني ، وان الله يغضب لغضب فاطمة ، ويؤذيني ما آذاها ومن آذى رسول الله فقد حبط عمله ، واذا دخلت عليه قام اليها واخذ بيدها وقبّلها ، واجلسها في مجلسه ، أنا الشجرة وفاطمة فرعها ، وروايات آخر .
فهؤلاء أحدثوا ، وأبدعوا ما أبدعوا ، وظهرت الفتن ، واستترت
--------------------------------------------------------------------------------
1 ـ مسند أحمد ، ج 5 ص 400 وقريبا منها ص 393 .
--------------------------------------------------------------------------------
22
الحقائق ، وانكسفت شموس المعرفة ، وشاعت الآراء والأهواء المختلفة ، الى أن قال علي « ع » : اما والله لقد تقمّصها فلان وأنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر عني السيل ولا يرقى اليّ الطير ، فسدلت دونها ثوبا وطويب عنها كشحا ، وطفقت ارتئي بين أن أصول بيد جذّاء أو أصبر على طخية عمياء (1) .
اللهم إنا خرجنا نشكوا اليك فقد نبيّنا ، وتظاهر الزمان علينا ، وكثرة توارد الفتن علينا ، وشدة المحن المستصعبة .