« الامام من هو ؟ »
إن النبي : هو المبعوث من الله تعالى بالوحي والالهام ، لأداء الأحكام وتشريع الدين وبيان الحقائق وتنظيم القوانين والاداب في الشؤون المختلفة . والامام : هو المحيط بتلك الأحكام العالم بتلك الحقائق والعارف بتلك الآداب والقوانين علما من لدن حكيم خبير ، لا بالعلم التحصيلي وبالطرق المتداولة المعمولة بين الناس . فالنبي هو المؤسس والشارع ، والامام هو وارثه وخليفته
--------------------------------------------------------------------------------
وولي امره وحافظ دينه وشارح معارفه واحكامه وآدابه .
وكما أن علوم النبي ومعارفه حضورية ومن الله كذلك علوم الامام ومقاماته الروحانية ليس باكتسابية بل من الله تعالى ، ولذا ترى احاطتهم بالعلوم والمعارف الحقة وعلمهم بالأحكام والآداب الاسلامية ، من دون الدرس والتحصيل والبحث والتتلمذ والتجربة ، ومن أول أوان الامامة الى آخرها بل وقبلها ، وفي زمان الصباء والشباب وبعدها ، ومن دون أن يقولوا خلافا ، ويرتكبوا سهوا وخطاء ، أو يخالف قولهم أحكام النبي ، أو يخالف حكم واحد منهم واحدا آخر ، ومن دون أن يحتاجوا الى الفكر والتدبر والتأمل .
وهذا من المحالات في سائر افراد الناس ، وان بلغوا في تحصيل العلم ما بلغوا ، فإن الانسان محل السهو والنسيان ، وليس كل مجتهد مصيب ، وكل عالم ما جهله أكثر مما علمه ، وكفى المرء نبلا أن تُعد معايبه .
قال اميرالمؤمنين « ع » : منها يعني آل النبي عليه الصلاة والسلام : موضع سره ، ولجأ امره ، وعيبة علمه ، وموئل حكمه ، وكهوف كتبه ، وجبال دينه ، بهم اقام انحناء ظهره ، وأذهب ارتعاد فرائصه ... لا يقاس بآل محمد صلى الله عليه وآله من هذه الامة احد ، ولا يُسوّى بهم من جرت نعمتهم عليه ابدا ، هم اسا الدين وعماد اليقين ، اليهم يفيء الغالي ، وبهم يلحق التالي ، ولهم خصائص حق الولاية ، وفيهم الوصية والوراثة ، الآن اذ رجع الحق الى اهله ، ونقل الى منتقله (1) .
فاذا كان في الامة بعد ارتحال الرسول « ص » من هذه صفتهم : فكيف يعقل أن يتوجه الى آخرين ، وكيف يجوّز العقل أن يختار الناس لها من يشاؤون ، وكيف يرضى الله تعالى ورسوله أن يتقدم من هو متأخر ، وأن يُنصب للاصلاح والتعليم والتربية وحفظ المعارف من يحتاج الى اصلاح امره وتربية نفسه وتحصيل العلوم والمعارف ، وكيف يكلف الناس من جهة الشرع أو العقل أن يطيعوا ويتبعوا ممن هو في مرتبتهم ، بل وفيهم من هو أحق وأفضل ، بل وفيهم من
--------------------------------------------------------------------------------
1 ـ نهج البلاغة خطبة 2 .
--------------------------------------------------------------------------------
لهم خصائص حق الولاية وفيهم الوصية والوراثة .